البطاقة الشخصيّة

صورتي
Galka'yo, Puntland, Somalia
من أرض فيها الدم رخيص الحقد فيها متأصل والدمع شاهد أعمى ولكني أعشقها ...
Powered By Blogger

بحث هذه المدونة الإلكترونية

قائمة المدونات الإلكترونية

3 ديسمبر 2010

عندما تتباين الأحوال في البلد الواحد!



منذ أن سقط النّظام في الصومال، لم يعد بالإمكان الحديث عن الطموحات الصومالية بشكل عام، ولم تعد المقاييس القديمة والأحلام القديمة هي ذاتها، بل تباينت الأحلام، وتفرّقت السبل، وبات من الخطأ تعميم أي شيء.


فقد اتخذت مناطق شمال غرب الصومال قرارها، ونأت بنفسها عن النّزاعات على السّلطة بعد فشل مقترح جبهة SNM  الذي أعدّه الرئيس الحالي لأرض الصومال الذي يصرّح فيه بأن الجبهتين المنتصرتين في الإنقلاب USC & SNM  ينبغي أن تتشاركا الحكم، وفيه يضع صورة للحكومة الائتلافية المفترضة، ولكن أهل مقديشو عقدوا مؤتمراً واستغنوا عن الجبهة الشمالية فأعلنت انفصالها، وسعت لبناء جمهورية مستقلة ما زالت حتى اليوم تطالب الأمم المتحدّة بالاعتراف بها. وقد بدأت بعض الجهات الأروبية تطالب بالاعتراف بهم رسمياً كجمهورية مستقلّة في القرن الإفريقي. ولم يعد الأمن والاستقرار وبناء حكومة قويّة حلماً ومطلباً، لأنّها تنعم اليوم بالاستقرار النسبي، وأصبحت ملاذ الصوماليين النازحين من مناطق الجنوب، وأضحى المطلب الرئيسي اليوم هو الدّخول في منظومة الأمم المتحدّة كجمهورية وتحقق لأبنائها المزيد من الأمن والاستقرار ولإقامة مشاريع تنموية.


وبعد أن عجز زعماء جبهة SDDF  من التّوصل إلى صيغة للتوافق مع زعماء الجنوب قررّوا إقامة منطقة آمنة لهم في مناطق شمال شرق الصومال، ولم تعلن الانفصال حتى الآن، وشارك زعماؤها في مؤتمرات المصالحة الماراثونيّة مع المحافظة على ولايتهم وتبنّوا فكرة الفيدرالية التي تضمن عدم عودة البلاد إلى المركزية الظالمة، والتي أدّت إلى الدّمار الحالي، ولم يعد الحلم في منطقة بونتلاند استعادة الإيمان بالحكومة والقانون، ولا إرساء الأمن، بل تعدّاها إلى توطيد الأمن، واستخراج الثروات الباطنية، وتحقيق الرّفاه لأبنائها أولاً وللصوماليين أجمعين أيضاً، وأصبحت مأوى للنازحين المعدمين من أبناء الجنوب.

وأما في الجنوب، فالأمر مختلف تماماً، فلم تستطع جبهة USC فرض سلطتها على مقديشو، فضلاً عن الجنوب، لأنّها انصرفت إلى عملية تصفية حساب قبليّة، وبدأ في الجنوب سباق محموم لإثبات من الأقوى، وأخذت العصابات القبليّة تتناسل يوماً بعد يوم. وأصبح حلم شعب الجنوب الحصول على استراحة قصيرة، ولهذا رأيناهم يآزرون اتحاد المحاكم الإسلامية التي إنشأتها قبائل الجنوب كحلّ مؤقت لمشكلة النهب والاستقواء على الآخرين بالسّلاح، ولكنّ قوات المحاكم خذلتهم بتركها العاصمة، والجنوب، واتّجاهها إلى المناطق الآمنة في الصومال، وتوّعدوا حتى دول الجوار من غير أن يقوم بإصلاح البيت من الدّاخل، ولذلك نجد أنّ حلم أبناء الجنوب هو الأمن أولاً، وأمامه مشكلة استعادة الثّقة بالحكومة والقانون.
ولهذا السبب يجب على شعب الجنوب العمل لعشرين عاماً حتى يصلوا إلى مرحلة إعادة الأمل بما يسّمى بالنّظام، وحتى يروا أنّ مقاييس التسعينات لم تعد تناسب واقع 2010، وأنّ المعجزات لن تأتي، وعلى الجميع العمل من أجل الاستقرار، وليس الحلّ أن يقفوا مكتوفي الأيدي، يراقبون ما تفعله الحكومات التي يحاربها أبناؤهم ثم يقولون: حكومة فاشلة وضعيفة!!
إذاً فالأحوال ليست على قدم المساواة بين مناطق الصومال، واختلفت الأحلام والأماني، وتباعدت الأفكار، فكيف يمكن أن تتلاقى الأفكار؟ كيف يمكن ردم الهوّة بين أبناء هذا البلد الممزّق؟
هنا يأتي دور المثقفين وحملة رسالة الأمل للصوماليين، وعليهم أن يصونوا الأمانة ويتناولوا القضية الصومالية بموضوعية وعقلانية، وبعيداً عن العاطفية وتكريس مقاييس قديمة، ماذا لو تعلّم الصومالييون أن يتصارحوا؟  ماذا لو تأملوا ما خسروه خلال عقدين من الزّمن، حين كان العالم يعيش طفرة معلوماتية، وهم يسقطون في هوّة من الظلمات؟
حان الوقت ليقول المثقف الصومالي أنّ الصومال ستكون بخير لو كففنا عن انتقاد انفصال صوماليلاند، ودعوة زعمائها لتوّلي زمام الأمور وقيادة السفينة إلى برّ الأمان، والقبول بمبدأ الفيدرالية التي أصبحت حتميّة، والاستفادة من تجارب بونتلاند وصوماليلاند، وإلاّ فلا داعي للتّظاهر بالخوف على وحدة الصومال بانفصال صوماليلاند، وسيكون من الظّلم تجاهل مناطق بونتلاند ومحاربتها إعلاميّاً.
حان الوقت ليدرس المثقف الصومالي أسباب الانقلاب، وحلّ الأزمات التّي أدّت إليه لا أن يكرّس ما خلّفه من أخطاء بل وتعميقها، ومن أهمّ تلك الأسباب هضم حقوق المواطنين، وسوء توزيع الدّخل القومي، والتمييز بين القبائل الصومالية. وهذه الأمور أجدى من التنديد بانفصال الشمال وشجب خطوات بونتلاند ونعتها بالانفصالية والابتزازبة.
 ما يريده كلّ من أبناء صوماليلاند وبونتلاند، عدم مقاساة ما قاسوه سابقاً، وتحقيق العدالة التي يستحقّونها، ولا يكرهون الصومال ولا إخوتهم في الجنوب وإلا لما كان على أراضيهم كلّ أولئك النّازحون من أبناء الجنوب، بالرّغم من كون مناطقهم أقلّ خصوبة من الجنوب، واقتصادهم في طور التّكون!! والمأمول من أهلنا في الجنوب التّحليّ بالواقعية والصبر ومواجهة الذّات وهذا ما يُتَوقّع من حملة الأقلام الحقيقيين. 
وإلى الملتقى