البطاقة الشخصيّة

صورتي
Galka'yo, Puntland, Somalia
من أرض فيها الدم رخيص الحقد فيها متأصل والدمع شاهد أعمى ولكني أعشقها ...
Powered By Blogger

بحث هذه المدونة الإلكترونية

قائمة المدونات الإلكترونية

25 سبتمبر 2009

أمراض مزمنة _1_


أمرض مزمنة _ الجزء الأول _
عقدة الاضطهاد...
يعاني الشعب الصومالي من أمراض مزمنة وخطيرة، استشرت في جميع أنحاء جسده، وهذه الأمراض التي أعنيها ليس من بينها القبليّة، كما قد يتبادر إلى أذهان القرّاء بل هي أمراض نفسيّة، منها: عقدة الاضطهاد، فمن خلال ملاحظتي للشعب الصومالي وجدت أنّهم يميلون إلى تضخيم جراحهم ولعب دور الضحيّة والمُعتدى عليه وكأنّه بلا حول ولا قوة، والهدف من اللجوء إلى لعب هذا الدّور هو التهرّب من تحمّل تبعات الأعمال السلبيّة، التي تنجم عن تصرفاتهم، فتراهم يلقون باللائمة على الحكم السابق وتارة على التدخّل الأجنبي في الشئون الدّاخليّة للبلاد، فهل سمعناهم يوماً يلومون أنفسهم على ما يجري اليوم على السّاحة؟ لم يحصل قط أن جلست مع صومالي _سواء كان من مقديشو وما حولها من أقاليم، أو من الصومالي لاند_ إلا وقال إن أصل الحكاية هي الحكومة العسكريّة ويا ليتهم يقولون هذا فقط، بل يلقون باللائمة على قبيلة معيّنة، اضطهدتهم وأبادتهم وأما الذين يسمّون ببونتلاند، فنراهم يقولون أنّ الحكومة السابقة لم تتعامل معهم بعدالة ،إذ كيف تهمل أرض تبلغ مساحتها أكثر من ثلث البلاد أن تكون بلا مطار دولي؟ وارتكبت في حقهم جرائم بشعة، ولم تهتم بإقليمنا وركّزت على مقديشو وغيرها ... الكلّ يعتبر نفسه ضحيّة ... أليس هذا عيباً واضحاً فينا كصوماليين؟ لماذا لا ننسى الحكومة التي انقلبنا عليها ورقصنا على أنقاضها؟ بالله عليكم لو كانت كلّ قبيلة هي الضحيّة فمن الظالم؟ لماذا لم تستقمِ الأمور مع مغادرة الحكم العسكري، أو طرده؟ لماذا لم يشارك أولئك الضحايا المزعومين بوضع أسس جديدة لبلاد تسودها العدالة الاجتماعية والسلام والأُخوّة؟ ما لم يكن ذلك الانقلاب مبنيّاً على نوازع غير أخلاقيّة أصلاً؟ هل لأن الحكومة المطاح بها مازالت تتآمر ضدّهم وتعذّبهم وتكتم على نَفَسِهم؟ أم لأنّ عقدة الاضطهاد وعشق لعب دور الضحيّة هي الأصل والمبتدأ والخبر في جملة ما يحصل؟

عقدة الانتقام....
هذه هي عقدة الصوماليين الثانية، وهي ابنة عقدة الاضطهاد، فعندما يشعر بعض ضعاف الثقة بأنفسهم بأنهم معزولون، وأنهم مهملون، يملأهم شعور بالنقص، وبالكراهية وينزعون إلى الانتقام من الجميع وإن آذوا أنفسهم لأن الرغبة في الانتقام تغطّي بصائرهم بغشاوة تعميهم عن الحق والعدالة، ويمكن لمس هذه العقدة في المجازر التي حصلت والبيوت التي نهبت والنساء اللواتي اغتصبن والأطفال الذين شرّدوا، ويمكن رؤية آثارها إثر فقاعة المحاكم الذين أرادوا الامتداد لتشمل ثورتهم جميع أنحاء البلاد حتى هزموا وطوردوا فاضطر بعضهم للاختباء في الأدغال جنوب الصومال، وكلّ ما يحصل اليوم في مقديشو، وهذه الرّغبة في التخريب تدّل بوضوح على هذه العقدة القبيحة.
عقدة السيطرة....
السيطرة والتّحكم من أبرز صفات الشخصية الصومالية والسعي إلى بسط السيطرة بأي طريقة من سماتهم، فشعبنا من أكثر الشعوب ميلاً لتطبيق مقولة مكيافيللي:" الغاية تبرر الوسيلة"، علماً بأن من يلجأ إلى هذه السياسة هو شخص فاقد للطموح وهمّه تحقيق هدف قريب المدى دون النّظر إلى ما هو أبعد _ باختصار_ لا يتمتع ببعد النّظر، فتارة يعمدون إلى إثارة العقدة الأولى _ الاضطهاد_ فيشرحون لضعاف النفوس من قبيلتهم أنّهم من أكثر القبائل المضطهدة معاناة ولذا يجب أن ينتزعوا حقوقهم الضائعة من القبائل الأخرى، وبذا يجرّون القبيلة إلى حروب دموية شعواء! وينتهجون الدّين تارة أخرى كذريعة لالتفاف الناس من حولهم فيموت المئات وينزح الآلاف، ويستصرخون بعدها للهيئات الأمميّة وجمعيات الإغاثة لتعينهم، ثم ينهبون ممتلكاتها ويدمّرون مبانيها، لأن العقدة الأولى ما تزال مسيطرة.

هذه الأمراض النفسيّة الخطيرة التي مازلنا ننكرها لا دواء لها دون أن نعترف بوجودها، فمعلوم أن أول خطوة لحلّ المشكلة معرفتها، وبما أننا لازلنا في مرحلة الإنكار وهي مرحلة عدم تصديق وجود المشكلة ويعانيها كلّ مُبتلى، ويلجأ إليها البعض كوسيلة للهرب من الإقرار بالحقيقة، يصعب التّوصل إلى الحلّ.
وختاماً... أرجو من الله أن يَهدي هذا الشعب الذي أنهكه زعماء مضللون، ويرزقه شجاعة الاعتراف بأمراضه ليجد الطريق إلى الحل السليم.

ليست هناك تعليقات: